top of page
Search
  • Writer's pictureSaleh Amin

هل يصمد الاقتصاد الروسي ؟


حتى الشواهد وحسابات الدول الغربية التي تشير إلى توقع استمرار التوتر أو الحرب لسنوات عديدة أصبحت تعطي دلالات مختلفة، فالأحداث لا زالت محمّلة بالكثير من التحولات والمفاجآت .


الشواهد الرئيسية التي يركز عليها الكثير من المراقبين والتي ترجح سيناريو أفغنة الصراع أو تحول أوكرانيا لافغانستان جديدة هي عسكرة أوكرانيا بأسلحة قوات شعبية وتوافد المئات من المقاتلين الأجانب إلى الأراضي الأوكرانية .


في المقابل هنالك دلالات أخرى تشير إلى أن أوكرانيا أصبحت أصولاً سامة للأوروبيين فاحتمالات تغير السلطة السياسية في أوكرانيا بالمستقبل القريب أمراً غير مستبعد وهو ما يحقق مصلحة الروس في تهميش الأوروبيين للملف الأوكراني والوصول لتسوية مرضية خاصة وأن ثمن التصعيد مع روسيا سيحقق تقارباً أكبر بين موسكو وبكين ، الأمر الذي يتيح للروس مجالاً واسعاً للمناورة مع الدول الغربية .


قرار روسيا بالتدخل العسكري في أوكرانيا لم يعر اهتماماً للإعتبارات الاقتصادية حيث يدخل الاقتصاد الروسي الأزمة الحالية بأسس اقتصادية تبدو أفضل من أي وقت مضى فروسيا منذ العام 2020 ولأول مرة في تاريخها أصبحت مصدراً صافياً للمنتجات الزراعية وتمتلك غطاء مالي يعادل 12% من إجمالي الناتج المحلي وهي الدولة الحادية عشر على مستوى العالم في النظام التجاري والمورد لسدس سلع العالم .


مما لا شك فيه ، أن قدرة الاقتصاد الروسي على المقاومة باتت أكبر منذ العام 2014 فكياناتها الحكومية أقل حاجة للجوء للأسواق المالية العالمية وأقل ارتهاناً لحد بعيد إلى نظام الدولار ، وما يعزز من موقف الاقتصاد الروسي تجاه العقوبات الاقتصادية على الأقل على المدى القريب هو الفائض التجاري السنوي الذي بلغ بالعام 2021 ما قيمته 185 مليار دولار بالإضافة إلى النمو المطرد في التبادل التجاري مع الصين حيث تعتبر الصين أكبر الشركاء التجاريين لروسيا والتي تستحوذ على 13.5% من الصادرات الروسية وما يقارب من ثلث وارداتها .


أما فيما يتعلق بالعقوبات الاقتصادية، فلا يتوقع أن تُحدث تغييراً في السياسة الروسية تجاه أوكرانيا، فتأثير تلك العقوبات يعتمد على عاملين، أولهما هو مدى قدرة الاقتصاد الروسي على الصمود وثانيهما هو مدى التزام الدول الأوروبية في فرض تلك العقوبات في ظل ارتباطاتها التجارية مع روسيا خاصة في موضوع الغاز .


من حيث القدرات الاقتصادية، فروسيا تمتلك أكثر من 2250 طن من الذهب مما يجعلها الخامسة بين دول العالم في احتياطيات الذهب وتمتلك أيضاً صندوقاً سيادياً بلغت قيمته في فبراير الماضي 175 مليار دولار يغطي نصف ديون روسيا الخارجية أو ما يمثل 11% من الناتج المحلي الإجمالي حيث انخفض الدين الخارجي الروسي إلى الثلث منذ العام 2014 ليشكل في العام 2021 ما نسبته 32% من الناتج المحلي الإجمالي .


أما احتمالات حظر استيراد أوروبا لوارداتها من الطاقة وخاصة الغاز، فلا يبدو أن الروس قلقون من هذا السيناريو على الرغم من أن صادرات الطاقة تشكل 24.4% من مجمل الصادرات الروسية التي تذهب نصفها للدول الأوروبية، وذلك لسببين، أولهما أن البدائل المطروحة لتعويض الغاز الروسي غير متاحة على الأقل حتى العام 2025 وذلك لأسباب فنية واقتصادية وهو ما يدركه الأوروبيون جيداً ، اما السبب الثاني فهو قدرة موسكو على توجيه تلك الصادرات إلى دول جنوب شرق آسيا في أي وقت ترغب في ذلك .


الإنتصار بالنسبة لروسيا يعني تحقيق شروطها التي تطالب بها وهي متمسكة بها على الرغم من التكاليف المادية والبشرية فتلك التكاليف هي الثمن المطلوب لتحقيق أهدافها، أما دفعها دون تحقيق أهدافها فهي الهزيمة بعينها !



bottom of page