top of page
Search
  • Writer's pictureSaleh Amin

شوكة الأرمن


ليس بامكاننا الإنكار بأن الأرمن شعب له تاريخ يتجاوز 3500 عام وله لغة وتقاليد ومشاعر وطنية يمكن أن نسميها القومية الأرمنية، وإذا كنّا قوميين أو ديمقراطيين فليس من حقنا أن ننكر حق سكان إقليم قرة باغ (الحديقة السوداء) ذو الأصول الأرمينية بالإنضمام إلى أرمينيا .


الصراع على الإقليم ليس جديد،فهو يعود إلى العام 1923 عندما تعامل ستالين مع سكان الإقليم الأرمن انهم أقلية وليس جزءاً من الشعب وقام بضمّ الإقليم بعد أن منحه حكماً ذاتياً إلى اذربيجان، ولكن طيلة العقود الماضية قام سكان الإقليم بحركات إحتجاجية للإنفصال وهو إتجاه عام يسود العالم، ومارسوا حقهم بالإستفتاء وتقرير المصير الذي لم يتم الإعتراف به ووصلت الأمور إلى إشتباكات عسكرية بين أرمينيا واذربيجان، إنتهت بمعاهدة سلام عام 1994 تحت الرعاية الروسية إعترفت بموجبها اذربيجان بضمّ الإقليم إلى أرمينيا .


عودة الصراع في الإقليم أصبحت له أبعاداً اخرى بعد التدخل التركي الصريح، ظاهرياً الأسباب اقتصادية وهو ما يتحاجج به الأتراك لتبرير تدخلهم في صراع يهدد مصالحهم الاقتصادية،فعبر الإقليم تمتد خطوط نقل النفط والغاز الأذربيجاني من بحر قزوين إلى أوروبا والعالم من جهة،وإلى تركيا من جهة أخرى حيث تعتبر أذربيجان ثاني أكبر موردي الغاز لتركيا بعد روسيا،بالإضافة إلى ذلك هنالك علاقات تجارية وسياحية بين الأتراك وأذربيجان .


لكن من الواضح أن للصراع أهداف سياسية وعرقية وهي الهدف الحقيقي بالمقام الأول، صحيح أن تركيا تطمع بنفط وغاز بحر قزوين وهو من أسباب تحركها العسكري في مناطق أخرى تفيض به مثل ليبيا، وصحيح أن مصالحها الاقتصادية مع أذربيجان تعتبرمسألة محورية، لكن سعي الأتراك لكسر شوكة الأرمن التي لا زالت بحلقهم تفضح أهدافهم وتكشف حقيقة ما يمارسه أردوغان من تأجيج للصراع، فالأرمن لم يقوموا بتهديد إمدادات النفط والغاز ولم يفاجؤا العالم بأزمة هي بالحقيقة موجودة قبل وجود الأنابيب وقبل إكتشاف النفط والغاز !


اذربيجان تمتلك تفوق عسكري على أرمينيا من حيث العتاد والعسكر يفوق الثلث عدا عن الدعم العسكري التركي، وأرمينيا تمتلك الدعم السياسي الأوروبي والأمريكي، الذي ينتظر الموقف الروسي من الصراع الجاري الآن، فأرمينيا هي الأقرب لروسيا وبينها وبين الروس معاهدة الأمن الجماعي .


الصراع العسكري الذي بلغت ضحاياه حتى الآن 100 إنسان منهم 30 شخص من المرتزقة الأتراك، قد ينقل الصراع إلى داخل الأراضي الأرمينية من خلال تأجيج إقليم ناختشفان في أرمينيا ذو الاقلية الأذربيجانية، و بالمقابل يستطيع الروس تخفيف وطأة الصراع بتحييد التدخل التركي الذي يؤجج الصراع ويسعى لتدويله من خلال إشغالهم في إدلب وليبيا أو حتى تحريك الملف الكردي !


الموقف الأوروبي حتى الآن يتبع سياسة ضبط النفس لأن الحل الدبلوماسي أقل تكلفة ولكنها مستعدة للحلول الأخرى ...

bottom of page