top of page
Search
  • Writer's pictureSaleh Amin

توجهات الفيدرالي الجديدة


ليس هنالك قرار جيد بالمطلق، فكل قرار اقتصادي يتعرض للنقد وللمعارضة طالما له آثار جانبية وإن كانت غير مقصودة، كحال الطبيب الذي يعالج مرضاً فيتفاقم مرض آخر تستمر معه شكوى المريض .


مثل هذه الحيرة يقع فيها صانع السياسة النقدية،الذي ينحصر دوره الرئيسي في الإستقرار المالي وهو يتمثل في استقرار مؤشرات سعر الفائدة والصرف ومعدل التضخم،ونجاحه في ذلك يوفر البيئة المناسبة التي تشجع على الإستثمار وبالتالي النمو،لذلك السياسة النقدية لا تأخذ بسياسة رفع سعر الفائدة في حالة الركود أو التباطؤ وهي حالة الاقتصاد اليوم،لأن ذلك يؤخر الإنتعاش فهي لا تشجع على الإستثمار والتوسع .


الإستراتيجية الجديدة التي أعلن عنها بنك امريكا المركزي،هي عكس ذلك تماماً،والتي أخذت لسنوات بسياسة اسعار فائدة مرتفعة وهو ما لم يكن ضرورياً من وجهة نظر النمو الاقتصادي أو مكافحة التضخم، فالميل نحو الإنكماش هو عدو النمو وهو ما كان ينادي به ترامب منذ أربع سنوات !


المؤشر الذي قاد الفيدرالي الأمريكي لهذا الإتجاه هو التضخم الوهمي، لأن التوسع النقدي لم يؤد إلى تضخم كما كان يُخشى، فهو يعوم حول 2% وفق معدل المقايضة لخمس سنوات مع تراجع زخم عمليات البيع على السندات، وتراجع اسعار السلع الرئيسية بنسبة 21% عن مستوياتها قبل عامين .


للسياسة النقدية الجديدة ما يبررها، فالإستقرار المطلوب يتطلب نمو وتوظيف أكثر فهما يكافحان التضخم على عكس ما يُعتقد،لأنّ التضخم لا يرتبط بمعدلات العمالة فقط،إنما ايضا بالقوة التفاوضية للعمالة وهي أضعف بكثير مما كانت عليه، والنمو يحفز الإنتاج فالمزيد من السلع المنتجة يعني اسعاراً أقل وليس هنالك اشارات على إنخفاض الطلب على الدولار الأمريكي، وهي اشارة على قدرة العالم لشراء التضخم الأمريكي إن حدث، لأن التحسن بالاقتصاد الأمريكي سيسمح للاقتصاد العالمي بالنمو ايضا .


التوسع النقدي له مزايا في المدى القصير،فغمر الأسواق بالسيولة والتسهيلات السهلة والرخيصة حالت سابقاً دون تحول الركود الاقتصادي إلى كساد عالمي كالذي حدث في العام 1929 لكن استرداد تلك السيولة سيكون شاقاً وذو نتائج سلبية على الأجل المتوسط !





bottom of page