top of page
Search
  • Writer's pictureSaleh Amin

المحاسب القانوني مؤتمن أم مجرماً


ليس سراً أن وزارة الاقتصاد تقف ضد استمرار الممارسات الخاطئة لبعض ممارسي مهنة التدقيق الخاصة بالعناية الواجبة تجاه عملائهم، وقد قامت الوزارة بالفعل بتنفيذ برنامج التفتيش الميداني على مكاتب المحاسبين القانونيين ومن المتوقع خلال العام الحالي إلتزام أصحاب المهن الغير مالية المحددة من المحاسبين القانونيين بالإمتثال للتشريعات واللوائح الخاصة بمكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إن لم يكن بسبب التزاماتهم المهنية والقانونية فسيكون بسبب تجنب الغرامات المالية، فالوقوف في وجه الجهات الإشرافية حماقة تستحق العقاب !


أصبح قطاع التدقيق من القطاعات المهنية الملزمة قانوناً منذ العام 2020 بالإبلاغ عن المعاملات والأنشطة المشبوهة لعملائهم وهو ما يتطلب القيام بمهام متعددة لإرضاء وزارة الاقتصاد حول فعالية وكفاءة سياساتهم واجراءاتهم .


إحدى أهم الطرق التي يمكن من خلالها إستغلال المحاسب القانوني هي مشاركته بالأنشطة المحفزة أو التحريضية والتي تتعلق بالممارسات التي يقوم بها المحاسب القانوني نيابةً عن عملائه، مثل إنشاء الكيانات التجارية أو معاملات البيع والشراء وهذه الممارسات على الرغم من كونها خارج نطاق عمل المحاسبين القانونيين لكنهم يعملون بها لزيادة إيراداتهم .


هذا لا يعني أن البعض من المحاسبين القانونيين أبرياء من المشاركة في جرائم غسل الأموال، خاصة للذين يقومون بمشاركة غاسلي الأموال بنسبة أو عمولة من أموالهم الغير شرعية مقابل تحويل شركاتهم لما يسمى (مغاسل الأموال المهنية) لمساعدة غاسلي الأموال على إخفاء مصدر اموالهم وإضفاء الشرعية عليها .


تبقى ملاحظة لا يمكن إغفالها، وهي أن تغليظ العقوبات ليس حلاً، فهنالك نسبة عالية من العقوبات تتعلق بمعاقبة المحاسب القانوني على ضعف الاجراءات والتي يمكن إنذاره بها مبدئياً على أساس أن الجزاء على نوع المخالفة، العقوبات المشددة مع ضعف الدعم قد يلحق الضرر بقطاع يعتبر مع قطاع المحاماة من أكثر القطاعات المهنية الذي يشكل فيه الممارسين من المواطنين النسبة الأكبر، أما ضعف الاجراءات فهي بالغالب طالت الممارسات المهنية الأخرى والتي تحققت كنتيجة حتمية لتراجع الإهتمام بحوكمة القطاع ودعمه .


قطاع التدقيق يعد من القنوات المفضلة والمستخدمة من قبل غاسلي الأموال، فالقطاع بالفعل ضعيف مالياً وهو بوضعه الحالي بحاجة إلى الدعم والذي يمكن توفيره من خلال إلزام كافة قطاعات الأعمال بتقديم قوائهم المالية السنوية أسوة بدول الجوار الشقيقة كالسعودية وبضرورة قيام دافعي الضرائب بتقديم إقراراتهم من خلال الوكلاء الضريبيين وهي اجراءات واجبة قانوناً وليست بمستحدثة بموجب أحكام قانون الشركات وقانون المعاملات التجارية، أما تفعيل مشاركة الوكلاء الضريبيين بالمنظومة الضريبية فهي مطلوبة لذاتها لأن معناها إمتثال أكبر وتهرب أقل وهذه أمور مطلوبة في أي إقرار ضريبي .


لا خلاف على أهمية دور المحاسب القانوني، فالإعتراف بأهميته الاقتصادية تستدعي تمييزاً مهنياً وهو كذلك متطلب لتحقيق العدالة وعنصر مهم للمحافظة على نزاهة المحاسب القانوني واستقلاليته فتكييفه مع الحاجة لا يعني سوى إخضاعه بما يمهد لفساده وتلك مبادىء يجري تنفيذها في السلطات القضائية، فلماذا لا يعتبر قطاع المحاسبون القانونيون وهو كذلك مرفق من مرافق العدالة .


من المسؤوليات الأخلاقية للمحاسب القانوني أن يكون مؤتمناً ومن واجباته القانونية أن يشارك الجهات الإشرافية في مكافحة جرائم غسل الأموال، ولكن من الإنصاف أن يحصل على الدعم الذي يستحقه لمنع إستغلاله من المجرمين بذريعة الحاجة !





bottom of page