من حيث المبدأ لا يمكن الإحتفاظ بعمل تجاري لا يُدر ربحاً كافياً، فكيف إذا كانت هذه الأرباح لا تغطي 18 شهراً من نفقات الشركة، مما يشكل شكوكاً بقدرة الشركة على الإستمرارية كشركة مستمرة .
جرت العادة النظر للأرباح كشريان حياة للعمل التجاري فهي التزام وليس خيار، الأرباح مطلوبة للنمو والمنافسة ولتسديد الالتزامات وحتى الحصول على الائتمان، ولكن الحقيقة أن الشركات المربحة تفشل إذا نفذت نقودها ولا يمكن أن يستمر العمل التجاري دون توفر تدفقات نقدية كافية ويمكن أن يكون ذلك من خلال الأرباح أو كاستثمار أو من إقتراض .
شركة بلينك تشارجينج أحدى شركات البورصة الأمريكية التي لم تحقق أرباحاً على مدى تاريخها الممتد 12 عاماً وعلى الرغم من ذلك كانت واحدة من أكثر الأسهم ارتفاعاً خلال العام 2020 حيث وصلت القيمة السوقية للشركة إلى 2.2 مليار دولار بعدما صعدت أسهمها بنسبة 3000% .
لا يوجد أساس مالي يوحي بأن شركة بلينك المتخصصة في مجال الطاقة الخضراء شركة مهمة في السوق المالي أو يبرر مكرر ربحيتها الذي تجاوز 490 مرة في حين أن شركة تيسلا في ذلك الوقت وصل مكرر ربحيتها 25 مرة بالرغم من أن البعض كان يرى أن سعرها مبالغ فيه .
شركة بلينك، شركة من (شركات الزومبي) وهي الشركات التي تحقق خسائر حقيقية ودخلها لا يكفي لتغطية نفقاتها أو تسديد ديونها، شركات لا هي مفلسة ولا هي ناجحة وتعتاش على القروض لإستمرارها، هذه الشركات أصبحت ظاهرة واقعية فهي تشكل ما نسبته 25% من الشركات التي يتم تداول أسهمها في السوق الأمريكي بالمقارنة مع 6% في عام 2000 أما خارج أمريكا فنسبتها من حجم الشركات الغير مالية يصل إلى 12% .
هناك سببان لرفع حصة الاقتصاد من شركات الزومبي، اولهما هو اختيارات البنوك المركزية، فارتفاع أسعار الفائدة يشكل تهديد حقيقي لإستمراريتها فخروجها من السوق مطلوب اقتصادياً لأنها شركات لا تنتج أي قيمة اقتصادية حقيقية وتعتبر تصفية ضرورية للنظام المالي، ومع ذلك، الإفلاس ليس هو الخيار الوحيد فهنالك إمكانية متاحة لبيع أصولهم وهناك إحتمال أن تنجح البنوك المركزية في هندسة هبوط ناعم وترويض التضخم دون حدوث ركود حقيقي .
اما السبب الآخر فهو رأس المال المضارب, والحقيقة المثيرة للإهتمام هو أن المستثمرون لا ينظرون إلى تلك الشركات على أنها أكثر خطورة من الشركات الأخرى لذلك يندرج غالبية تلك الشركات ضمن فئة المضاربة بناءً على تصنيفات ستاندر آند بورز للشركات، فالمضارب لا يهتم بحقيقة الأرباح أو قيمة الأصول التي يمثلها السهم فما يحرك المضارب هو توقعه للسعر .
البورصة الأمريكية منظومة قائمة على الإستدامة، ديناميكية تحتاج دوماً إلى الأموال والتي يمكن إتاحتها من خلال توفير القدرة على الإستدانة، عجلة لا تتوقف طالما توفرت الثقة بتلك المنظومة، منظومة تقدّر المضاربة وتحترم المدينين .
في جميع الأحوال، لا يوجد سبب يستدعي من الشركة إظهار أرباحها طالما أنها تمتلك المال الكافي وتسدد التزاماتها وتدفع فواتيرها، فالمال هو شرط للنمو أو على الأقل البقاء في اللعبة إلى أكبر فترة ممكنة، فالغرض من ممارسة النشاط التجاري هو كسب الأموال وليس تمويل الهوايات ويمكن فعل ذلك من خلال خلق قيمة للشركة فالقيمة مهمة والربح غير مهم !
Comments