سواء تم مقاطعة المنتجات التركية أو لم يتم، فلا أهمية لذلك من الناحية العملية، لكنه ذو قيمة رمزية معناه أن الشارع العربي لديه رغبة بالتوقف عن التعامل مع كل ما هو تركي، وهي هبّة تنتظر إستجابة رسمية على أرض الواقع .
الإنفتاح على السوق التركي مقبول وهو ما ندعو له ولذلك أبرمت إتفاقيات التجارة الحرة، ولكن الخلاف ليس على الهدف إنما على الشروط، فالتبادل يجب أن يكون عادلاً وقريباً من التوازن وأن لا نسمح للمنتجات التركية وغير التركية المدعومة بدخول السوق العربي والتي لها مثيل محلي . إتفاقيات التجارة مع تركيا حرة خاسرة، فالطرف العربي هو المغبون،ومراجعتها أو إلغائها لا يتناقض مع التزاماتنا تجاه منظمة التجارة العالمية، والتجربة دلت على أن تلك الإتفاقيات لم تحقق نتائجها بإجتذاب الإستثمارات التركية ولن تفعل !
الصناعة التركية متقدمة وحققت إنجازات لا يمكن إنكارها، ونحن لا ننكرها والدعوة لمقاطعة منتجاتها أو مراجعة الإتفاقيات ليس من باب المناكفة، بل بسبب تفوقها،فمن حق كل دولة البحث عن مصالحها وإتفاقيات التجارة الحرة لم تعترف بذلك الفارق وبعدم التكافؤ، ولم تعطي الدول العربية مزايا تجارية أو مالية لتعويضه !
خطوة حكيمة من الحكومة المغربية مراجعة إتفاقية التبادل الحر مع تركيا والتي قررت رسمياً فرض رسوم جمركية على المنتجات التركية، القرار الجديد لا يشير فقط إلى إرادة سياسية بدعم الصناعة المحلية ولكن أيضاّ يستهدف إعادة التوازن إلى الميزان التجاري الذي سجّل عجزاً بلغ بالمتوسط مليار دولار سنوياً منذ العام 2004 لصالح تركيا على حساب الصناعة من جهة، وعلى حساب الاقتصاد المغربي من جهة أخرى الذي لم يحقق مزايا إستثمارية من تلك الإتفاقية فحجم الإسثمار التركي لا يتجاوز 1% من حجم الإستثمار الأجنبي !
المقاطعة قد تكون رمزية ولكن قد نرى طحناً بعد الجعجعة ، فأردوغان يعلم تماماً أن الاقتصاد التركي في أسوأ حالاته وعلى البلاط، لذلك لا يرى في رياح الهبّة الرسمية التي لن تأخذ من البلاط شيئاً سوى أنها مهاجمة لصوت الأذان !
تلك هي المحاولة الأخيرة التي يحاول فيها أردوغان إستمالة المشاعر الإسلامية لدعم منتجه الذي يرى فيه واجب شرعي كالزكاة، ولكنها زكاة محرمة فما يحتاجه البيت يحرّم حتى على الجامع !
Comments