من الممكن أن يصبح خطاب رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون من أهم الخطب السياسية في التاريخ الحديث ومن الممكن أن يكون أكثرها سوءاً ! ولكن في حالتيه هو خطاب مختلف ويستحق التعليق عليه وتدريسه .
لقد إستخدم جونسون أكبر قدر ممكن من عبارات ممكن أن تثير قلق البريطانيين بل ورعبهم أيضاً من فيروس كورونا لأنه أراد أن يصعبها على الناس ويريحها على نفسه وحكومته،خطة الحكومة البريطانية نشرت في 28 صفحة والتي تعتمد فيها الحكومة نموذج (مناعة القطيع) لمحاربة الفيروس ومنع إنتشار العدوى من خلال السماح لأكبر عدد ممكن من الشعب التعرض للفيروس وهو كاف من وجهة نظرهم بتحقيق المناعة وتقليل إنتشاره تلقائياً قبل الشتاء القادم .
الحكومة البريطانية سعت لخلق الثقة بين أجهزة الدولة والمواطنين لتقليل الأثار السلبية على الاقتصاد من خلال التواصل الدائم وتفسير القرارات من أجهزة الدولة ويساعدها في ذلك ما يعرف عن البريطانيين من إحترام القانون على عكس الطليان ، ووفق الخطة فإن 89% ممن سيصابون بالفيروس سيتماثلون للشفاء.
الخواجا جونسون تعامل مع الوضع الحرج بأنه أزمة قومية وتمّ مشاركة قوى المعارضة بالخطة قبل تعميمها وقدم الطبيب العام البريطاني شرحاً عن النموذج الذي إعتمدته الحكومة لمحاربة الفيروس، ويحق لهم تقديم خططهم فلديهم خبرة كبيرة في التعامل مع فيروس إيبولا في إفريقيا .
حكومة جونسون تريد أن تتجنب الخسائر الاقتصادية من العزل وتوقف الأنشطة الاقتصادية و تكاليف العلاج الباهظة ، فرغم انّ عدد الموتى سيكون أكبر من النموذج الصيني وكذلك أعداد المصابين وبالتالي أعددا كبيرة من الإجازات المرضية، ولكنه وفقاً للنموذج البريطاني سيكون أفضل من الناحية الإنتاجية من تعطيل الأعمال والأسواق .
الخطة واجهت إنتقادات كثيرة وشبهات بمحاباة رجال الأعمال والمستثمرين والخواجا جونسون تعمّد بث القلق والفزع لدى الناس حتى وإن لجأ للمبالغة والتهويل بالبداية فهو بذلك أوعز للناس بأخذ الحيطة والحذر وتجنيبهم العدوى بقدر الإمكان، وما سيكتب لها من نجاح أو فشل فسيسجل لجونسون أو عليه !
Comments