أعيد التساؤل مرة أخرى بعد قيد شركة (يلا التقنية) في بورصة نيويورك، عن سبب إبتعاد الشركات عن الإدراج بأسواق المال المحلية، فهل هي ظاهرة سلبية تحتاج للعلاج حتى لا تتكرر ؟
شركة (يلا) لم تكن أولى الشركات التي تختار الإدراج في بورصات عالمية ولن تكون الأخيرة، فالشركات في المجمل تبحث عن مصلحتها وهو بالنهاية قرار يعود إلى إدارتها .
يرى المختصين أن هنالك عدة أسباب تؤدي لهذه الظاهرة ،منها ما يتعلق بأسواق المال المحلية من قوانين وإجراءات أو من ضعف في عمقها وأدواتها والتي تؤدي في مجملها إلى (تطفيش) المكتتبين، ومنها أسباب خارجية متوفرة بأسواق المال العالمية ولا تتوفر بأسواقنا، وهي بالنهاية أراء تقيمية تمثل رأي الخبراء الشخصية،قد تكون منطقية، ولكنها تفتقد للإثبات فليس هنالك إستطلاع لأراء المكتتبين !
الأراء التي تدعي أن هجرة الإكتتابات يعود إلى النظم واللوائح، هي نفسها التي أشادت بالقانون الإتحادي رقم (2) لعام 2105 وبإجراءات هيئة الأوراق المالية والسلع في تخفيض وتسهيل إجراءات الإدراج لجذب الشركات العائلية التي تمثل ثلثي القطاع الخاص، فالقرار أصبح لدى إدارة تلك الشركات !
أما من حيث الضعف في السوق المالي المحلي وفي أدواته، فهو توصيف يستبعد التنوع الموجود في الأدوات المالية بأسواق المال المحلية والتي زادت من عمق السوق ووفرت الكثير من البدائل الإستثمارية التي توفرها أسواق المال العالمية، والتي كانت متطلبات أساسية إستحقت بموجبها ثقة المؤسسات الدولية لترقيتها لمؤشر إم إس سي آي للأسواق الناشئة -مورجان ستانلي سابقاً !
فيما يتعلق بأزمة السيولة، فالمختصين لا يحددون أي سيولة يقصدون، فلو أنها سيولة اقتصاد، فالمال متوفر لدى المتعاملين وهو ما توضحه حجم تغطية الإكتتابات خلال السنوات الماضية والتي كان يتم تغطيتها عدة مرات ! أو المقصود سيولة التداول، أي حركة الأسهم بالتداول (بيعاً وشراءً) ؟
أرقام التداول المعلنة في أسواق المال المحلية للعام 2019 تُظهر أن حجم التداول خلال العام لم يتعدى 7% من الناتج المحلي الإجمالي أو ما يقارب 105 مليار درهم جرى تداولها على 173 شركة منها 62 شركة غير مدرجة .من النظرة الأولى سيولة التداول بالأسواق المحلية لا مجال لمقارنتها مع أسواق المال العالمية،مثل بورصة نيويورك (نيس) التي أسست قبل 228 عام وتضم أكثر من 2300 شركة بأحجام تداول تزيد عن 20 تريليون دولار أو 108% من الناتج الأمريكي المحلي.
فإذا كان هذا هو السبب المباشر الذي يدفع المكتتبين للهجرة، فلماذا إذاً قامت 90% منها بإلغاء إدراجها لاحقاً ؟ وإذا كانت وسيلة لجذب إنتباه المستثمرين العالميين، فلماذا وكيف نجحت شركات تعمل بذات القطاع مثل (سوق دوت كوم) بلفت إنتباه المستثمرين المحليين والعالميين ؟
أغلب الظن أن الكثير من تلك الإكتتابات كانت تقديرات خاطئة وهو الأمر الذي لن يستطيع المكتتبين التصريح به !
Comments