Saleh Amin
الإنتخابات الأمريكية الأصعب
لا تشير إستطلاعات الرأي التي يتفوق بها بايدن حتى الآن على استحقاق فوزه بالسباق الرئاسي، فهو يحتاج إلى أصوات 270 مندوباً من مندوبي الولايات الأمريكية الذي يبلغ عددهم 538 وهو هدف صعب مع منافس مثل ترامب.
تجربة بايدن بالسباق الرئاسي قد تكون نسخة جديدة من تجارب الحزب الديمقراطي السابقة كتجربتي هيلاري كلينتون وآل جور الذين كسبوا الناخبين وخسروا كرسي الرئاسة ! بالمقابل التاريخ قد يقف لصالح بايدن، فهنالك إحتمال أن يكرر ترامب تجربة ثماني رؤساء ممن خسروا الإحتفاظ بكرسي الرئاسة، رغم أنه إحتمال ضعيف فالأسباب الموجبة لحجب الثقة غير متوفرة الآن .
انتخابات نوفمبر لن تكون حول من يحب الناخب، بل حول من يكره ومن يريد سقوطه، فهي بشكل آخر إستفتاء حول سياسات الرئيس ترامب، ترامب يتباهى بما حققه من إنجازات والتي تزيد بها حظوظه بالفوز وإن حدث العكس وفاز بايدن فهو بالتأكيد نتيجة تصويت الناخبين ضد ترامب، لأن الحزب الديمقراطي لا يملك ذخائر كافية تمكنه من اسقاط ترامب سوى ملف ادارته لأزمة كورونا، والتي من المتوقع أن يقوم ترامب بعد إعلان إصابته بالفيروس من استغلال التغطية الإعلامية لصالحه، فلقد قام بتبيض وجهه أمام المجتمع الأمريكي، فهو أصيب به كما أصيب أغلب المجتمع الأمريكي !
خيبة أمل الناخب الأمريكي من إدارة ملف الجائحة الصحية، سيتوقف على اداء الأسواق وليس حنكة الرئيس، لأن إصابة ترامب فتحت ملف كورونا مرة أخرى وبقوة ومن المحتمل أن يتجه المستثمرين للملاذات الآمنة مع حالة القلق من صحة رئيسهم ومن توقعاتهم بإجراءات إغلاق جديدة ، الأمر الذي سيؤدي إلى تراجعات كبيرة بالأسواق المالية مما يفقد ترامب المكاسب التي تحققت خلال فترة رئاسته .
رغم أن الإنتخابات الأمريكية المرتقبة لن تشير إلى تحولات استراتيجية في العلاقات بين الدول العربية وواشنطن، لأنها علاقات مبنية على المصالح وتقررها الحسابات الكبرى التي تتجاوز شخصية الرئيس، إلا أن تعامل بايدن الذي أعلنه في برنامجه الرئاسي مع ملفات الشرق الأوسط سيثير بعض التأزم في حال فوزه، فهو يرى بعيون رئيسه أوباما، والذي من المرجح عودة واشنطن للإتفاق النووي مع إيران الذي انسحبت منه إدارة ترامب، وإعادة إحياء الإسلام السياسي الذي سيجر معه إعادة ترتيب ملفات أخرى حدث بها بعض الإنفراجات ولو نسبياً .
بالمقابل، إستمرار ترامب بفترة رئاسية أخرى سيعني تغييراً في علاقات أمريكا التجارية مع العالم، ترامب هدّد بالغاء عدد من اتفاقيات التجارة الحرة والإنسحاب من منظمة التجارة العالمية وأعلن نيته صراحةً بفرض المزيد من التعرفة الجمركية والضرائب على البضائع المستوردة، وهو ما يهدد مصالح أمريكا مع حلفائها !
الوقت ليس مبكراً لتحسّس مواقف المرشحين في السياسة الخارجية ومن قضايا الشرق الأوسط وهو ما يهمنا، حيث جرت العادة أن تُضع تلك الملفات على المحك من اليوم الأول من إعلان النتائج.
موقف بايدن من تلك القضايا قابل للتغير مع دخوله للبيت الأبيض،ولكنه لن يشذّ عن عقيدة الديمقراطيين على الأقل خلال الفترة الرئاسية الأولى، وهو ما يشير إلى أننا سنشاهد سياسة اللعب على أكثر من حبل سياسي وتلك المناورة لا تتيح للتحالفات ديمومتها.
أما موقف ترامب معلوم وأرائه رغم صخبها فهي واضحة، وليس هنالك إحتمال لأن تتغير مواقفه مع ولايته الثانية فيما لو فاز بالإنتخابات،فالشعبية لم تكن من إهتماماته في ولايته الأولى حتى تكون كذلك في ولايته الثانية والأخيرة ! أما تهديداته بعلاقات واشنطن التجارية والغير تجارية قد تكون مجرد إقتراحات أو مشاكسات سياسية، والتي قد يدفع ثمنها من شعبيته في صناديق الإقتراع !