بالرغم من أهمية المناظرة التلفزيونية بين ترامب وهاريس، لكنها لن تؤدي لتغيير آراء الناس، لأنه من المتوقع والطبيعي أن يعطي أنصار كل مرشح أصواتهم لصالح من يؤيدونه بصرف النظر عن جميع الإعتبارات الأخرى .
من المفترض أن هاريس كمدعي عام وسيناتور سابق أنها الأقدر على حسن التعبير ، ولكننا لم نتعرف عليها في هذه المناظرة، كان حديثها عاماً وفي بعضه هلامياً خاصة بموضوع الطبقة الوسطى، لم تظهر مشاعر صادقة ولم تتمتع بالحرارة وقد يكون ذلك بسبب التزامها أكثر بالنص وكأنها موصولة على جهاز ! لذلك حاولت تعويض ذلك بمخاطبتها الجمهور الأمريكي مباشرة .
بالمقابل، كان ترامب حيوياً أكثر، ينفعل ويغضب وإن لم يُستفز، فالمعروف أن ترامب خطيب ومفوه ويفترض أنه الأقدر على تحريك عواطف الجمهور وحشده، ويسجل لترامب على الرغم من دخوله بلعبة السجال مع هاريس في أكثر من مرة، أنه فاجىء الجميع فكان أكثر انضباطاً ولم تستطع هاريس جرّه للردح والتنمر !
نجاح المناظرة لا يقصد به فقط جذب من لم يقرر بعد موقفه الإنتخابي، فهم لا يتعدون 10% من الجمهور المستهدف لكل مرشح، بل يقصد به عرض أفكار المرشح ومحاولته دحض أفكار الآخر لتقليل مناصريه، وفي الحالتين بذل كلا المرشحين جهداً في النيل من الآخر أكثر من الجهد في شرح الذات أو البرامج.
ترامب، وإن حققت هاريس بعض التقدم في استطلاعات الرأي، فهو لم يخسر وقد أدى دوراً دفاعياً وبتكتيك يُحسب له، فهو بائع شاطر وإن لم يكن خبيراً، لكنه صاحب قرار ويعرف جمهوره أكثر .
ليس مطلوباً من ترامب الوقوف إلى جانب الحقيقة، فالحقائق كثيرة ومن حقه كمرشح أن ينتقي الحقائق والكلمات التي يعرضها، وهذا امر مقبول كونه كسياسي منحاز اً لمواقف معينة معلنة، المشكلة أن لغته أصبحت اللغة الخطابية الشعبية في أمريكا حتى أوباما الرصين تأثر بها .
استطاع ترامب في طرح نفسه رئيساً لجعل أمريكا دولة عظيمة مرة أخرى وقد نجح في ذلك في ولايته الأولى، والحقيقة أن أحوال أمريكا لم تكن أفضل من بعده، فأمريكا لديها حلفاء لا يثقون بها وأعداء لا يخافون منها !
Comments