في كل مرة يقوم بها البنك الإحتياطي الأمريكي بإعلان سياسات أو قرارات جديدة ، تواجه بمعارضة وشكوك تنجر إلى سجال سياسي بين الحزبين وأنصارهما بغض النظر عن حصافة تلك القرارات .
كانت المعركة تنتهي بالإنتخابات، في هذه المرة الشعب الأمريكي ليس في مزاج إختبار سياسات ولا ظروف معيشية يمكن المراهنة عليها، الفيدرالي إختبر منذ تأثر اقتصاده بجائحة كورونا كافة الخيارات المتاحة والتي فشلت في تحقيق اهدافها الاقتصادية، وليس أمامه قبيل الإنتخابات الرئاسية سوى الخيارات الجديدة التي أعلن عنها جيروم باول رئيس الفيدرالي، وهي ليست من تلك القرارات التي إن لم تنفع لا تضر، لكنها خيارات قد تفضي لأزمة أكبر وأشد ضرراً من تبعات جائحة كورونا فيما لو فشلت .
ما طرحه الاقتصاديين والمحللين من مخاوف وتحفظات،تعتبر في بعضها مشروعة وأهمها من حيث الأثر هو ارتفاع مخاطر القدرة على السداد والتي يجازف الفيدرالي في زيادته مما ينذر بفقاعة أكبر مما يمكن توقعه، وهي استنتاجات لوجهات نظر يمكن مناقشتها ومحاججتها طالما أنها تخضع للقياس والإختبار .
في حال دعم الكونجرس والحكومة لخيارات الفيدرالي الجديدة، فإنه سيستمر في سياسته التوسعية ما يعني أن حجم السيولة بالسوق مرشح للزيادة مما سيسمح للاقتصاد بالتسارع لفترة أطول وهو ما يمكنه من تمويل عجوزاته المالية بتكاليف أقل ويدفع التضخم بالتسارع مع السياسة النقدية التحفيزية، ورغم سيطرة الفيدرالي على الجهاز المصرفي التي تمنح له القدرة على منع الإنحرافات وتوجيه السيولة بالشكل الصحيح، فلا زالت اجراءات سياسته التوسعية غير قادرة على اخراج الاقتصاد الأمريكي من حالة التباطؤ .
الفيدرالي كأي بنك مركزي،هو بنك البنوك وبنك الحكومة،والنمو وعلى رغم أهميته فإنه لا يعتبر هدفاً رئيسياً للبنوك المركزية ولا للفيدرالي لأنه مخالفة للإنجيل الاقتصادي، البنوك المركزية في الأزمات تأخذ على عاتقها مهمات اضافية في المجالات الاقتصادية وهو الأمر الذي انتهجه الفيدرالي منذ تأثر اقتصاده بأزمة فيروس كورونا والتي كان يؤمل بها أن تؤتي بنتائجها المرجوة وهو ما لم يحدث .
باول منذ البداية كان يحارب تضخماً وهمياً وهذه كانت المشكلة الرئيسية، فهو أدرك متأخراً أن ترامب كان على حق فالبطالة المنخفضة لن ترفع التضخم وتلك الخيارات لو كانت سارية منذ سنوات لم تكن هنالك حاجة لأية تسويات وكانت المكاسب أكبر !
Comments