Saleh Amin
أي إعلام نريد ؟
في هذه اللحظة، تجري مناقشات وحوارات بين أكثر من ثلاثة الآف مشارك في منتدى الإعلام العربي في إمارة دبي وهو أكبر حدث إعلامي على مستوى المنطقة والذي يضم مسؤوليين حكوميين وقيادات إعلامية يتناقشون في تحليل الوضع الإعلامي العربي وربطه بالتحولات المحيطة به .
ليست هذه أول مرة يجتمع فيها الإعلاميون ، فهي المرة الحادية والعشرين ولا نظن أنها تحظى بمتابعة من فئات أخرى من غير العاملين أو المعنيين بالإعلام، أغلب الظن أن أزمة الثقة بين الإعلام العربي وجمهوره هي من أكبر أزمات منظومتنا الإعلامية فالجمهور يرى أن الإعلام يفتقد بسبب شموليته للمصداقية فهو يصب من إتجاه واحد، ولو صح ّ أن الإعلام يعكس الواقع ولا يصنعه، فالأجدى أن نرى تعددية في واقع منظومتنا الإعلامية لأن الإعلام الحر يعمل باتجاهات مختلفة وأحياناً متناقضة.
جرت العادة في كل دورة من دورات المنتدي أن يتم تكريم شخصيات ومؤسسات إعلامية، ولكن من المفترض أيضاً أن المنتدى يحقق الهدف الرئيسي الذي أقيم من أجله وهو وضع تصورات ومبادرات للنهوض بإعلامنا العربي وإكتشاف مساحات جديدة للتطوير لتعزيز تنافسية المنتج الإعلامي العربي .
من الواضح أن حكوماتنا العربية فقدت مع عصر الإنترنت السيطرة على إعلامها وتراجعت بسبب ذلك قدرتها على حجب الحقائق والعلاج الصحيح لتلك التحديات هو المزيد من الشفافية والحرية، أما الفضائيات فهي تواجه أزمة من نوع آخر، فعلى الرغم من إستفادتها من إنتشار التقنية الرقمية وسقف حريتها لكنها أصبحت رتيبة على الرغم من وفرة الإكسسورات الإعلامية لأنها وفرة على حساب المحتوى الإعلامي .
ليس صحيحاً أن تأثير أو دور الإعلام الرسمي تآكل بسبب النشاط الإعلامي للفضائيات والإعلام الإلكتروني، لأن المهم لدى الجمهور هو الحقائق على الأرض فلا يستطيع عاقل أن ينكر أثر الإعلام الناجح الذي يتمتع بالمصداقية ولا يحد من حركته الممنوعات والمحظورات بغض النظر عن وسيلته أو أدواته .
من النماذج الناجحة التي تستحق الدراسة والإستفادة منها هو النموذج الإعلامي في لبنان، الإعلام في لبنان يتمتع بالحيوية والحوارات الساخنة فكل شيء في لبنان قابل للحوار والنقد وقد يكون ذلك من أسباب الحيوية الإعلامية لغياب الخطوط الحمراء التي لا يجوز الإقتراب منها.
النموذج اللبناني كشف أن تصحيح مسار الإعلام العربي ليس مرهوناً بتحسن الأحوال السياسية أو حتى الاقتصادية، ولا يعني رفع قبضة الدولة عن الإعلام إعفائه من إرتباطاته بالمحتوى السياسي فحتى الإعلام الأمريكي لا يخلو من هذا اللغط .
أزمة الإعلام العربي ليست حالة عابرة بل توطنت كظاهرة وساهم فيها غياب البعد العلمي والموضوعي في الأداء الإعلامي والذي أصبح بسببه خطاباً إخبارياً او دعائياً يغلب عليه العاطفة والإنفعال ولغة الإنطباعات والصراعات الإيدلوجية .